الكاتبة|شمم المحمدالمدققة|فاطمة الزهراء أبو العمرين
أعودُ للانزواء داخلَ حجرتي الضيقة، وأبدو كمن يسبحُ في مكبٍّ نفايات ورقية، بعد أن فشلَ الواقع في احتواءِ روحه المركومة بالبعد وفشلت الكلمات في إيجادِ طريقٍ نحوه!
فلا شيء _صدقيني_ لا شيء يضاهي قدرتكِ على جعل التعب بأكمله نُكتةً سخيفة، لرُبما لا نضحكُ عليها، لكننا على الأقل نكسوها رداءً آخرَ يُخفي وجهها القميء.
رأسي معقلٌ للأملِ الكاذب، والأيامُ الأخيرة تبدو مثل مطرقةٍ ثقيلة تنهال عليه بلا توقف..
تقولين:«أشعر أنه عليّ إنقاذُك»
أتطلّعُ بحيرةٍ حولي، وأخاف أن أنبس ببنت شفة، فلو قلتُ تعالي لَتبعثرت حبّاتُ الصبر وضاعت.
ولو لم أقل، لاعتقدتِ أنني تخليتُ عن أحقيتي في وجودكِ إلى جانبي..
لكنّ كلتا الحالتين لا تُنصفُني، وهذه الحيرةُ تُعرقل مسارَ الأفكار خارج رأسي، فتتراكم داخله مرةً تلوَ الأخرى حتى أخالُه سيتشظى لآلاف القطع!
مساءَ ذلك اليومِ المُكتظِّ بالأسئلة قررتُ أن أخرجَ للعملِ في الجريدة، وما إن وطأتْ قدماي الشارع العمومِي واختلطتُ بالمارّة حتى شعرتُ بدفقةٍ من الحزن تسري في أوردتي، راودتني فكرةٌ مخيفة، وخانني التعبير عنها..
فكرتُ أن هذا الغياب _الذي أبغضه أكثر من الموت_ لربما يكونُ رحيماً، تماماً كما يصبح الموتُ رحيماً حين تستحيلُ الحياة، وقد يسأل سائلٌ متربص: كيف ذلك؟ وأنتِ مَن يقتلهُ البينُ كُلّ الوقت؟ لكنه لن يفهم يوماً ما معنى أن تنتظر على ناصيةِ الطريق _بلهفةٍ وصبر _ شخصاً تُحبه، فيأتيكَ آخرٌ يتشحُ هيئَته!
إن كانت الخيارات أضيقَ مِن أن أتنقلَ بينهما وفي أفضلِ الأحوال، عندما تقتضي العودةُ حتميةِ التغيُّر.. سأختارُ الغياب.
حسمتُ الأمر بيني وبين نفسي وقررتُ أن أعودَ أدراجي نحو غرفتي، فالعالم الخارجي تبدّى لي صورةً نمطيةً تفتقرُ للألوان، وهذا التكرارُ الغريب بدأ يُشعرني بالسأمِ والوحدة.
في طريق العودة عادَ الحنينُ إليكِ يساورني مثل هاجسٍ لا يختفي
وتساءلت: هل يتسعُ صبركِ لكلِّ هذا البوحِ و التعب؟
أردتُ أن أُشرِككِ في ذلك، وأسألكِ أخيراً:
متى تكتبين إليّ؟
تعليقات
إرسال تعليق