طوق نجاة
إسراء الزهدي
في إحدى الليالي الباردة تجلس فتاة في مقتبل العمر تبكي وبشدة، مهجورة كالدار الراحل عنها أصحابها، وبينما هي جالسة يملؤها الظلام فإذا بوهج خافت يظهر أمامها كطوق نجاة لها ينصت إليها باهتمام يأخذ بيدها يجلس بجانبها يستمع إلى ثرثرتها وترهاتها أعاد لها الحياة مرة أخرى أعاد الأمل إليها وأعاد النبض لقلبها، أخرجها من قاع ظلماتها إلى جنة نوره تشبثت به كطفل يتشبث بثياب أمه خشية أن ترحل، ظل برفقتها حتى تخطت كل ما كانت تمر به، تخطت أحزانها ومخاوفها استطاعت أن تحيا مرة أخرى بعد أن فقدت الأمل بالعيش أو بالحياة وبعد أن أصبحت قوية صامدة، وبعد أن استطاعت التغلب على كل شيء شيء قد حدث لها، فإذا بطوق نجاتها ووهج قلبها قد طعنها، قد مل منها وزهد وجودها، قد مل من ثرثرتها قد مل من حديثها، قرر الرحيل قرر أن يتركها ضائعة أفلت يديها في الوقت التي كانت تحتاج إليه فيه وخذلها، طعنها بخنجر حاد، دائما ما كانت تقول إنه مختلف وأنه لن يتركها ويرحل ما دامت هي بحاجة إليه، وإن قرر الرحيل يوما سيرحل بعد أن تصبح بخير تمام فكيف له أن يرحل الآن؟ كيف له أن يغدر بها؟ كيف له أن يصبح كالبقية؟ كيف له أن يخذلها وكيف له أن يمل؟ قال إنه قد مل، كان من المفترض أن يمل في البداية لم يكن أحد سيلومه إذا مل وقتها، أما الآن وبعد أن تحسن حالها قليلا يمل، يمل بعد أن تقدمت للأمام، هل كان يعالجها ويصعد بها عاليا ليسقطها أرضا مرة واحدة؟ هل كان يريدها أن ترتفع ليلقيها فتخر ساقطة فتتحطم تماما؟ هل كان هذا ما يريد أن يراه تتألم ببشاعة أكثر مما كانت عليها؟ أن يراها بحالة أسوأ مما كانت فيها أم أن لكلماته التي أحرقت قلبها معنى آخر؟
تعليقات
إرسال تعليق