القائمة الرئيسية

الصفحات

 القمر

إسراء الزهدي


أخبروني أن القمر جسمٌ معتمٌ يحملُ من الظلام ما يكفي، كالحجرِ، هو لا فائدةَ منه، جسمٌ بلا فائدةٍ، كالصخرةِ الشاردةِ في صحراءٍ فارغةٍ. وأخبرونا أن بريقه ناتجٌ عن انعكاسِ أشعةِ الشمسِ عليه. كذلك أنا، قاسيٌ قلبي كحجرٍ لا يلينَ، أطفأ الظلامُ توهجي، أصبحتُ هاويةً في قاعٍ مظلمٍ فارغٍ لا أحدَ به غيري. ما يعيدُ توهجي هو ذاك القلمُ الذي يخطُ بضعَ كلماتٍ تُبثُّ بداخلي قوةً خفيةً، يُعيدُ لي بريقي ويُعيدُ لي قوتي، يُعيدُني لذاتي. أخشى أن يزولَ هذا التوهجُ يومًا، لكن لا بأسَ، فأنا أيضًا أستمدُّ طاقتي من صديقي القمر. نعم، هو صديقي منذ أن كنتُ طفلةً، دائمًا يسمعني، أقصُّ له عن كلّ ندباتي وأحزاني وعن كلّ شيءٍ. أطمئنُ ما دمتُ أراهُ متوهجًا. أخشى أن يزولَ توهجهُ يومًا، فينطفئُ ما تبقى من توهجي معه. أخشى أن يسقطَ هذا القمرُ فأُسقطُ معه. سأتغاضى عن ذلك الآن، فأنا على يقينٍ أنه ما دام القمرُ متوهجًا، سأبقى قويةً صامدةً شامخةً كالجبلِ، لا تهزّني الرياحُ، ولا تُزلزلُني العواصفُ.

إسراء الزهدي|روح الفؤاد|غاسق 

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

التنقل السريع