خليفة هدية

القائمة الرئيسية

الصفحات

 خليفة هدية|الكتابة عن الأندلس ليست توثيقًا للتاريخ 
بل استعادة للروح
الصحفية|فاطمة محمد


في متاهة الأيام المتسارعة والأخبار المتلاحقة، يبرز صوت الكلمات المكتوبة ليرسم لوحات جديدة من التاريخ والحضارة. وفي هذا السياق، تأتي أهمية الاهتمام بتراث الأندلس، تلك الحقبة الزاهرة التي شهدت انصهار الثقافات وتبادل الخبرات والأفكار. إنه إرث ثري ينبض بالجمال والإبداع، يستحق أن يُنقل إلى أجيال اليوم ليستلهموا منه الدروس والرؤى.


فماذا يعني هذا التراث للكُتّاب والمبدعين؟ وكيف ينعكس على أعمالهم الإبداعية؟

دعونا نستكشف هذا الموضوع الجوهري من خلال حوار صحفي مع أحد الكُتّاب البارزين في هذا المجال.

- بدايةً، عرّفنا بنفسك.


خليفة هدية، كاتب مُتيَّم بالتاريخ، وناشط مدني، ومؤسس منظمة "مُلهم" للتنمية الفكرية. مهتم بالشأن العام والسياسي، وشخصية قانونية، لكنّي أجد ذاتي الحقيقية في السرد والبحث والتوثيق. أكتب بدافع الحب لا الواجب.


- كيف كانت بدايتك مع موهبة الكتابة في تراث الأندلس؟

لم تكن هناك بداية ولن تكون هناك نهاية، فالكتابة موهبة منذ الصغر. أما حبي لتراث الأندلس، فقد كان اكتشافًا ثم تحول إلى شغف، وازداد حبًا مع الوقت حتى أصبح قضيتي وهمّي الذي أعيشه بكل تفاصيله.

 ما هي الشخصيات البارزة في تراث الأندلس التي تحظى بإعجابك وإلهامك؟

هناك العديد من الشخصيات التي تلهمني، أولهم عبد الرحمن الداخل "صقر قريش"، الذي أسَّس حكمًا رشيدًا ووحّد الأقطاب وأقام دولة قوية في الأندلس رغم الصعوبات.

ثم محمد بن عبد الملك الغزالي الأندلسي، الشاعر الذي عاصر غزوات الفايكنج وسجّل تلك الأحداث في قصائده، فكان شاهدًا على عصره.

واختِتامًا بمحمد بن أبي عامر "الحاجب المنصور"، الطموح القادم من قرية صغيرة، الذي طلب العلم وسعى إلى العُلا حتى أصبح الحاكم الفعلي للأندلس وقادها إلى عصر من القوة والمجد.


- ما أبرز التحديات التي قد تواجه الكُتّاب والمبدعين في نقل وإحياء التراث الأندلسي؟

أبرز التحديات هي قلة المعرفة والجهل بالتاريخ الأندلسي، بالإضافة إلى الميل نحو المألوف دون التعمق أو البحث الجاد. كذلك هناك صعوبة في فهم روح تلك الحقبة، وكيفية إعادة تقديمها بلغة اليوم دون أن تفقد هويتها.


- كيف يمكن للكتابة والأدب أن يساهما في نشر الوعي العام بأهمية التراث الأندلسي وقيمته الحضارية؟

الكتابة والأدب جزء لا يتجزأ من وسائل التوثيق والنشر، ومن خلالهما يمكن توضيح التاريخ وإبراز الإرث العظيم لأجدادنا.

الأندلس حقبة نادرة يجب أن نفخر بها جميعًا، وأن نتجه نحو استعادتها أدبيًا وثقافيًا. فالكتابة، مهما بدت بسيطة، هي من أقوى الوسائل في التوعية والنشر.


- هل لك أعمال منشورة أو نصوص شاركت بها في فعاليات أو منصات؟


نعم، لدي مشاركة بعنوان "الزهرة المفقودة"، وهو نص عن الأندلس، نُشر ضمن كتاب مُجمَّع بعنوان "مرايا الشعور" على منصة كتوباتي، وموجود كذلك في مكتبة نور.

صدر العمل تحت مظلة دار نشر "مُلهم" الإلكترونية، وكان المشروع من فكرتي الخاصة.


- هل هناك أعمال قادمة لك عن التراث الأندلسي؟

بالتأكيد، هناك خمسة أعمال قادمة، أحدها سيكون برنامجًا صوتيًا، وآخر سيكون مُلتقى كبيرًا أعمل عليه حاليًا ليكون منبرًا يليق بتراث الأندلس. أما الأعمال الباقية فهي ملخصات وكتب مُجمَّعة.


- ما هي توقعاتك لمستقبل الاهتمام بالكتابة حول تراث الأندلس في السنوات القادمة؟ وما طموحاتك في هذا المجال؟

أنا متفائل جدًا وأؤمن بمقولة: "إن غدًا لناظره قريب". القادم سيكون أفضل بإذن الله.

طموحاتي بسيطة لكنها عزيزة: أطمح إلى زيارة الأندلس بمدنها المختلفة، وأن أدرس في مؤسسة الثغرة الثقافية، وهناك حلم خاص بلقاء الكاتبة أديبة روميرو التي أكنّ لها احترامًا كبيرًا.

 هل يمكن أن تشاركنا ببعض أهدافك؟

بكل سرور. من أهدافي التعمّق في المراكز والمكتبات التي تحتوي على مخطوطات نادرة عن التراث الأندلسي، مثل مكتبة تمبكتو في مالي، ومكتبة السليمانية في إسطنبول، ودار الكتب المصرية، وأيضًا مؤسسة التميمي للبحث العلمي في تونس.

هذه المراكز كنوز معرفية أطمح إلى زيارتها والبحث فيها.


- ما رأيك في جريدة غاسق ومبادرتها لتسليط الضوء على الكُتّاب والمبدعين؟

أحيّي جريدة غاسق على هذه المبادرة المميّزة في تسليط الضوء على الكُتّاب والمبدعين، خاصة في مجالات التاريخ والتراث، فهذا عمل نبيل.

أن يكون هناك منبر يُنصت ويُبرز هذا النوع من الجهود، فهو بحد ذاته فعل ثقافي راقٍ يستحق الاحترام.


في ختام هذا الحوار المُلهم، ندرك أن الكتابة عن الأندلس ليست مجرد تسجيل للتاريخ، بل هي محاولة لاستعادة الروح.

كل كلمة، وكل صفحة، وكل كتاب هو نافذة تُفتح على زمن التعايش والإبداع.

نتوجّه بالشكر الجزيل للكاتب خليفة هدية الذي أضاء لنا دروب هذا التراث العريق، ونتمنى له التوفيق في مسيرته لإبقاء شعلة الأندلس متوهجة في عقول وقلوب الأجيال القادمة.

فاطمة محمد | جريدة غاسق

تعليقات

التنقل السريع