القائمة الرئيسية

الصفحات

متاهات العقل

خدبجة عوض

_ رسالة من قلب الصراع الداخلي. 


أيُوجد وسيلة يستطيع الإنسان من خلالها الهروب من النزاعات التي تحدث يوميًا داخل رأسه ؟!


هَـا أنـا أكتـبُ إليـك من أعمـاقِ مُعاناتي، مـن قَـلب عاصفةٍ لا تهـدأ، ومـن دوامة لا تَتَوقـف عن الدوران، إنني كالسجيـن داخل عقلي، أعيش في سـاحةِ معـركةٍ دائمة، حيث تلتقي الأفكار المتضـاربة وتصطـدم المشاعر المتناقضة في صراع لا ينتهي.


إن رأسي، يا صـديقي، هـو ميدان لا يَعرف السـكون، كَموجٍ هائـجٍ في بحـرٍ مُتـلاطم، تتقاذفـني أمـواجه من جانب إلىٰ آخر بِلا رحمـة أو رأفَـة، أُحـاول البَحث عن لحظـة هُدنـة، عن لحظـة سَكِينَـة، لَكـن سُـرعان مـا أجد نفـسي غارقًـا مرة أُخـرى في خِضـم النـزاعات، التي تشتـعل بداخلي ولا تخمَـد أبدًا.


أحيـانًا أشـعُر كأنَنِي أسـير في متاهـةٍ مُظلـمةٍ، حيـث تـتراكم الجـدران حَـولي، وتسـد علـيّ كُـلّ طريقٍ، أفكاري كالأشباح تطاردني، والقلق كالغيمة السوداء يحجب عني شعـاع الأمـل، أرغَـب في الهروب، في الخـروج من هذا السجن العقلي، لكنني أجِـد نفسي مُحاصـرًا، مكبـلًا بسـلاسل لا تُـرى، لكنـها تثقـل كاهـلي كُل لحظـة، أشـعر أنَ عقـلي قَـد انقسَـمَ إلىٰ جبهـات متـناحرة، وكل جبـهةٍ تسـعىٰ لِفَـرض سيـطرتها علىٰ الأُخـرىٰ، وفي بعـضِ الأوقـات، أسمَـع أصـواتًا مُتـداخلة تتـجادل وتتـنازع، كأنـها جيـوش تتـصارع في ساحـةِ حـربٍ لا تنـتهي، أشعر بالإرهـاق، وكأنَنِي جُنـدي مُنهَـك لَم يعـرف الـراحة منـذُ سنـواتٍ، يُقاتـل في معـركةٍ خاسرة، لا يلوح في أفقها أي أمـل بالانتصـار.


فَـأتساءل: هَـل هُنَـاك وسيـلة للهـروبِ مِـن هَـذهِ النـزاعات؟  

هَـل هُنـاك مـلاذ أستطـيع اللجوء إليـهِ لأجـد فيـه السَـلام؟  

أم أنَنِي محكـوم بالبـقاءِ في هذا الجحيـم الداخلي إلىٰ الأَبَـد؟ أبحَـث عن طـوق نجَـاة، عن شُعـاع ضَـوءٍ يختـرق هذه الظلمـات، لكنَنِي أعـود خائبًا كل مرةٍ !


أعلم أن رسالتي هـذه قَـد تكون ثقيـلة الوطَـأة علىٰ قلبِك، لكنني بحاجة إلىٰ أن أفـرغ هذا الكأس المليء بالمرارةِ، أحـتاج إلىٰ أن أشعر أن هناك مَـن يفهمني، مَـن يشعر بآلامي، ومَـن يشاركني هذه الرحلـة الشـاقة.


آمَـل أن تجـد كلماتي صدىً في قلبـك، وأن تكون لي عونًـا في هذه المحنة، لعَـل الصداقة تكون الجسـر الذي أعبـر من خلاله إلىٰ بَـر الأمان، ولعـلَ الكلمـات تكون البلسَـم الذي يُخَفِـف مِـن حدة هذا الصِـراع.


دمت لي صديقًا وفيًا.

- خـديچـة عـوض|غاسق 

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

التنقل السريع