القائمة الرئيسية

الصفحات

أنيسة سالم.. قلم ليبي يكتب بشغف ويرسم الأمل

الصحفية|إسراء الزهدي 

في هذا اللقاء نسلّط الضوء على واحدة من الأقلام الليبية التي أثبتت حضورها في الساحة الأدبية بخطوات ثابتة وإصرار لا يلين. كاتبةٌ نسجت حروفها من التجربة والخيال، ومنحتها الأيام خبرةً جعلتها اليوم من الأسماء التي يُشار إليها في الأدب الليبي والعربي. إنها أنيسة سالم، الكاتبة الليبية التي جعلت من الكلمة وسيلتها للتعبير والنجاة.

تنحدر أنيسة من مدينة المرج في ليبيا، وتحمل شهادة بكالوريوس في الجغرافيا، إلا أن شغفها الحقيقي وجد نفسه في الكتابة الأدبية التي تصفها بأنها ليست بالضرورة ما يميزها عن غيرها، لكنها أكثر ما يجعلها سعيدة وتشعر بالامتلاء.

تروي أنيسة بداياتها بتأملٍ صادق، قائلة إن انطلاقتها لم تكن سهلة، إذ واجهتها الكثير من الصعوبات في غياب الدعم والتشجيع، لكنها رغم ذلك استمرت، مدفوعة برغبة داخلية في إخراج ما يعتمل في مخيلتها من حكايات. كانت البداية منذ نحو سبع سنوات، حين لم تكن تملك سوى خيالٍ واسع وعقلٍ مزدحم بالأفكار التي تطلبت طريقًا للبوح.
بدأت مسيرتها عبر منصة عصير الكتب، وهناك نشرت أول قصة لها، لتفاجأ بتفاعل تجاوز تسعمائة قارئ، وهو ما شكّل نقطة التحول في رحلتها الأدبية.

تميل أنيسة إلى أدب الرعب وأدب الأطفال، وترى فيهما مساحة رحبة للإبداع والرسائل الهادفة. نشرت العديد من القصص والخواطر في مجموعات أدبية ليبية وعربية، ونالت أعمالها إعجابًا واسعًا، رغم بساطتها في بداياتها.
أما على صعيد الإنجازات، فقد حصلت على عدة شهادات تقدير من مجموعات أدبية عربية بعد تصدرها مراكز متقدمة في مسابقات الكتابة، كما فازت في مشروع ليبيا الثقافي، وكان منتدى الأدب الحر من أبرز محطاتها، إذ نشر العديد من قصصها القصيرة ورقيًا بعد فوزها في مسابقات متكررة.

وعن الدعم الذي تلقّته خلال رحلتها، تشير أنيسة إلى أنها لم تجد دعمًا في البداية، لكن حياتها الأدبية تغيّرت حين التقت بالسيدة زينة من الجزائر التي ساعدتها ووجّهتها، كما تذكر الأستاذ صلاح نبيل الذي كان له دور كبير في دعمها وتشجيعها، ولا تنسى "الأب الروحي" السيد عادل علي الذي ساهم بعد توفيق الله في نشر كتابها الأول، معبّرة عن امتنانها العميق له.
أما الانتقادات، فتقول إنها لم تتعرض لكثير منها، لكن أحد النقاد أخبرها ذات مرة أن قلمها لا يصلح للكتابة، فنصحها بالتوقف، وبالفعل تركت الكتابة لفترة قصيرة، قبل أن تعود أقوى من ذي قبل.

تؤمن أنيسة بأن الورش والكورسات الخاصة بالكتابة ضرورية جدًا، فهي لا تساعد فقط على تطوير المهارة بل تكشف للكاتب جوانب جديدة من ذاته. تقول إنها كانت تشارك في أي ورشة تسمع عنها سواء مجانية أو مدفوعة، واليوم أصبحت هي نفسها تقدّم ورش كتابة مجانية ضمن مجموعة فرسان الحرف لدعم المواهب الجديدة.

وترى أن الموهبة وحدها لا تكفي، فالممارسة المستمرة وقراءة الكتب تصنع الكاتب الحقيقي، وتبرز قوة قلمه. وعن القراءة، تصف نفسها بأنها قارئة نهمة، وتذكر أن كتابات المنفلوطي كان لها أثر كبير عليها.
وتضيف أن التميز لا يعني امتلاك موهبة واحدة فقط، فالكثير من أصدقائها يمتلكون أكثر من موهبة مثل الإلقاء، الشطرنج، والرسم، معتبرة أن التنوع في القدرات يعزز الإبداع لا ينتقص منه.

أما عن أهدافها القادمة، فتطمح إلى دعم الكتّاب المبتدئين، ولو بمجرد قراءة نصوصهم وتشجيعهم على الاستمرار. وتقول إن الامتنان يملأ قلبها لكل من دعمها في رحلتها، رافضة ذكر الأسماء حتى لا تنسى أحدًا.

وفي رسالةٍ صادقة توجّهها إلى القرّاء والكتّاب الشباب، تقول أنيسة:
إياك أن تلتفت للناقد الهادم، خذ منه ما ينفع قلمك، وارمِ بالباقي إلى سلة النسيان. اقرأ كثيرًا، وشارك في ورش الكتابة، ولا تغيّر أسلوبك لتنال إعجاب الناس، ولا تنجرف وراء الكتابة الفاضحة التي لا تأتي إلا بالتعليقات.

وفي ختام حديثها، عبّرت أنيسة سالم عن إعجابها بمبادرة جريدة غاسق لتسليط الضوء على المواهب الصاعدة، قائلة:
أحببت الفكرة جدًا، وأنا شاكرة لكم جزيل الشكر، وأتمنى لكم دوام التوفيق.


بين ثنايا تجربتها، تتجلى روح الإصرار والإيمان بالموهبة رغم الصعوبات. أنيسة سالم تمثل نموذجًا ملهمًا للكاتب الذي يصنع طريقه بإرادته، ويؤمن أن الكلمة قادرة على التغيير والبناء. وتبقى رسالتها لكل مبدع: لا تتوقف عن الكتابة مهما قالوا، فالكلمة الحقيقية ستصل دائمًا لمن يستحق أن يسمعها.

إسراء الزهدي|جريدة غاسق 

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع