حوار صحفي مع الكاتبة والإعلامية غادة محمد طبش
جريدة غاسق
من بين ركام الحرب وصوت المعاناة، تخرج الكلمات كأنها حياة تُكتب من جديد. ضيفتنا اليوم ليست فقط كاتبة مبدعة، بل صوت فلسطيني نسائي شامخ، يروي الحكاية، ويصنع الأمل رغم الألم. في هذا الحوار نقترب أكثر من الكاتبة والإعلامية غادة محمد طبش، لنتعرف على مسيرتها الملهمة، ورحلتها في الكتابة والتعليق الصوتي والإعلام، من قلب غزة إلى آفاق الإبداع.
هل تُعرفينا بنفسك؟
أنا غادة محمد طبش، من فلسطين وبالتحديد من قطاع غزة، يعني من قلب الوجع والخراب والحصار. خريجة بكالوريوس Biology.
— ما هي موهبتك؟
موهبتي متعددة منذ الصغر، أولها الكتابة. أنا موهوبة في كتابة الشعر والخواطر والمقالات.
— كيف اكتشفت هذه الموهبة؟
اكتشافي لموهبتي كان من خلال مدرسي اللغة العربية، واللي كان ليهم كل الشكر في صقلها جيدا وتبنيها بشكل أفضل. كبرت وكبرت معي هذه الموهبة، وكنت أنميها وأطورها بالشكل الصحيح والأفضل.
— حدثينا قليلًا عن رحلتك في هذا المجال.
كنت في الجامعة الفتاة المميزة، شاعرة الجامعة، وشاركت في العديد والعديد من العرافات والصالونات الأدبية والأمسيات الشعرية.
اختلاطي أيضًا بعمالقة الباحثين والكتاب داخل الجامعة جعلني أتحدث اللغة العربية الفصحى بطلاقة، في الوقت الذي كنت أعتقد فيه بأنني جيدة فيها نوعًا ما.
لكن استمراريتي وعنادي للوصول دفعني للتعلم والتحدث بشكل أفضل وأفضل.
بدأت بالخواطر التي تتحدث عن تجارب شخصية، كل كتابة كانت تتحدث عن غادة وواقعها، ثم انتقلت بالخواطر للتحدث عن بيئتي وعن غزة، وعن أحلامنا وآمالنا داخلها.
ثم انتقلت إلى كتابة التقارير الإخبارية كنوع من التغيير، وكانت هنا المفاجأة بأنني أمتلك خانة صوتية مميزة، فقلت في نفسي: لم لا أدخل مجال التعليق الصوتي؟
وهنا بدأت رحلتي الثانية في مجال التعليق الصوتي، بعد تخرجي من الجامعة وارتباطي بشريك حياتي (رحمة الله عليه)، بدأت أتعلم من اليوتيوب كيفية التعليق الصوتي ومهارات ذلك اللون الرائع.
ساعدني في ذلك زوجي، وكذلك الطبقات الصوتية المميزة التي أمتلكها.
ولأن الإبداع لا يكتمل فقط بالموهبة، بدأت بالتدرب مرارًا وتكرارًا، فأصبحت مميزة في هذا المجال.
بدأت بالتعليق الصوتي ضمن المبادرات التي كانت تخدم أبناء شعبي.
إلى جانب هذا العمل، دخلت مجال الإعلام وبدأت أتدرب من خلال دورات تدريبية مكثفة في أول إذاعة لها الكثير والكثير من الفضل عليّ وعلى شخصيتي.
أثبت نفسي وبجدارة بأنني سأكون إعلامية المستقبل التي ستمثل فلسطين بكل فخر.
بدأت أيضًا في إعداد التقارير الإخبارية وتقديمها، وكذلك تقديم البرامج الاجتماعية المختلفة في صوت رؤى الإذاعي من قلب غزة، وحصلت على لقب "الإعلامية المبدعة" التي تفوقت على الكثير من زملائها.
وأتت الحرب، يا عزيزتي، التي سلبتني كل شيء، لكنها لم تسلب قوتي وحلمي وطموحي اللامتناهي.
بعد صدمة الفقد والوجع والحصار والمجاعة، أصرت غادة على مواصلة الحلم الذي لطالما حلمت به أنا وزوجي الشهيد.
بدأت بالفعل في أخذ دورات تدريبية مكثفة للتعليق الصوتي من جمهورية مصر العربية، بالإضافة إلى دورات في الإعلام والعلاقات العامة من الضفة الغربية، وقيادة مهارات شابة، ودورات متقدمة في التقديم الإذاعي والتلفزيوني من غزة، وكذلك دورة متقدمة في البروتوكول الدبلوماسي من الضفة الغربية، ودورة في التعليق الصوتي من داخل قطاع غزة، وبالفعل أتممتها جميعًا وبامتياز.
— هل لديك أعمال؟ وما الذي استطعت تحقيقه منذ بدايتك؟
بالإضافة إلى ما سبق، حصلت على شهادات تقدير في الحبكة السردية عبر مجلة نور الثقافية في مجال الكتابة، بالإضافة إلى شهادات شرفية عليا.
أنا أيضًا من صناع المحتوى والمؤثرين ضمن أفضل منصة في قطاع غزة (منصة بوكشوكو الرقمية).
— ما هي التكريمات والشهادات التي حصلت عليها؟
شهادات تقدير في الحبكة السردية، وشهادات شرفية عليا، ولقب الإعلامية المبدعة.
— من أول الداعمين لك؟ وهل واجهت انتقادات سلبية أو دعم فقط؟
الوسط الإعلامي كبير ومليء بالتحديات. نحن في قلب الحب للجميع، أستمع للجميع بكل حب.
هناك انتقادات سلبية أتعامل معها بكل روح رياضية، وانتقادات إيجابية أعززها وأطورها أيضًا.
— ما رأيك في الورش والكورسات؟
أنا مؤمنة جدًا بأهميتها، والدليل أنني التحقت بعدد كبير منها، وكانت سببًا في تطويري وتميزي.
— هل تظنين أن أي شخص يمكن أن يتمتع بتلك الموهبة؟
الموهبة لا تكفي وحدها، لكن الاستمرارية، والشغف، والتدريب، هم من يصنعون الفارق.
— هل تحبين قراءة الكتب؟ وما أفضل الكتب التي قرأتها؟
أعشق قراءة الكتب، وأرتّل القرآن بصوت رائع.
أقرأ في كتب السيرة النبوية، وكتاب "كيف تسعد بحياتك" للشيخ العريفي، و"رسائل من القرآن"، و"رسائل من السيرة النبوية"، بالإضافة إلى العديد من الروايات المميزة والرائعة.
— هل تعتقدين أن من الممكن امتلاك عدة مواهب؟
نعم بالتأكيد. أنا أمتلك أكثر من موهبة وأعمل عليها، وأؤمن أن الشخص كلما وسّع أفقه طوّر أكثر من جانب فيه.
— ما هو هدفك في الفترة القادمة؟
هدفي يا عزيزتي في هذه الفترة أن تنتهي الحرب على غزة بإذن الله، كي أستطيع مواصلة طريقي وتعليمي ودوراتي التدريبية المحفزة لاستكمال الحلم.
— هل ترغبين بتقديم الشكر لأحد؟
الشكر موصول لكل من ساندني ووقف بجانبي وأعطاني كلمة حب لأواصل الطريق.
الشكر لرفيقي وحبيب دربي الشهيد، الذي كان بمثابة الأب الحنون، والصديق، والرفيق الذي كان يرافقني دوما في شغفي وعملي وإبداعي.
وأيضًا الشكر لكل من خذلني وتحداني ووقف في وجهي، لأنني أنثى لا تستسلم وتحب التحدي، واصلت التحدي والمثابرة كي أثبت لنفسي قبل أن أثبت لهم بأنني المرأة الحديدية التي لا تتكسر.
المرأة التي جعلتها الأيام شامخة، معتزة بنفسها، لا تهاب الصعاب، كما يُطلق عليّ أصدقائي: "أنتِ بقوة الرجال".
— ما هي نصيحتك لمن يقرأ هذا الحوار؟
نصيحتي لكل مُبدع، لا أخص بذلك السيدات فقط، بل هي رسالة لكل شخص مُبدع:
الكلمة الصّادقة والإبداع الحقيقي أقوى من الظروف.
مراتب المجد لا يرقى لها أبدًا من كان همه الناس ما قالوا وما فعلوا.
اجعل هدفك أمام عينيك، وتحدَّ، وقاوم، وثابر، ستصل بإذن الله.
وتذكر يا عزيزي أن بعد كل ليل حالك، نهار سعيد بإذن الله.
— هل يمكن أن نطّلع على بعض من إبداعاتك؟
بالتأكيد، يمكنكم ذلك في أي وقت.
— ما رأيك في جريدة غاسق؟
جريدة مميزة ورائعة بأفكارها وكتاباتها.
أتمنى يومًا أن أكون من ضمن كُتّابها المميزين، ذلك يزيدني شرفًا بكل تأكيد، ويدفعني إلى المُضي دومًا إلى الأفضل.
لكم مني كل الحب،
غادة محمد
حوارنا مع غادة لم يكن مجرد كلمات، بل كان درسًا في الصمود والشغف والتمسّك بالحلم. شكراً لغادة التي منحتنا فرصة نادرة لنسمع صوتًا حقيقيًا نابضًا من غزة، صوتًا لا يعرف الانكسار. نتمنى لها دوام التألق، وأن تصل رسالتها لكل العالم، كما أرادت.
تعليقات
إرسال تعليق