ناهد القدسي|أكتب كي أهرب من الحزن وأعيش بسلامالصحفية|إسراء الزهدي
في مدينة صنعاء اليمنية، حيث تمتزج الأصالة بالعراقة، تبرز الكاتبة ناهد عبد الله أحمد القدسي كصوت أدبي إنساني، تكتب من أعماق التجارب والمشاعر، وتؤمن أن الكتابة ليست مهنة بل قدر، وأنها الطريق الذي تختاره الأرواح المرهفة لتبوح بصمتها على الورق.
تحدثت ناهد في حوارها مع الصحفية إسراء الزهدي عن بداياتها الأولى مع الكتابة، قائلة إنها بدأت من على مقاعد الدراسة، حين كانت تكتب موضوعات التعبير، فوجدت إشادة كبيرة من معلميها. ومن هناك انطلقت في كتابة الخواطر ومشاركتها عبر صفحتها على فيسبوك، لتكتب بعدها أول أعمالها في عام 2018، غير أن الظروف حالت دون نشره حتى خرج إلى النور في عام 2024.
وترى ناهد أن القراءة كانت الوقود الذي أشعل ملكتها الفكرية، إذ تقول إنها بدأت القراءة منذ الصغر، ما ساعدها على توسيع مداركها وصقل خيالها الأدبي.
وتوضح أن ما يميزها في الكتابة هو صدق الشعور، قائلة: "أكتب كما أشعر دون تكلف أو تصنّع، وأحرص أن يجد القارئ نفسه بين سطوري من خلال الغوص في عمق التجارب الإنسانية والمواقف الحياتية وتحويلها إلى نصوص وقصص ملهمة."
ناهد تميل إلى كتابة القصص والروايات التي تتناول الألم والأمل والحنين، وتقول: "أكتب عن الإنسان في لحظاته الهشة، وعن القلوب التي تحاول أن تتعافى رغم كل شيء."
وفي رصيدها الأدبي رواية منشورة ورقيًا، إلى جانب مجموعة من القصص القصيرة التي شاركت بها في كتب جماعية بارزة، منها: حديث الأشياء الصامتة، محبرة كاتب، أنين الأوتار، أمواج متلاطمة، ولا فناء لثائر، بإشراف نخبة من رواد الفكر والقلم العربي، وقد شاركت هذه الأعمال في معرض عمّان الدولي للكتاب.
كما شاركت ناهد بعدد من المقالات الأدبية والفكرية عبر جريدة أدباء مصر ومجلة نور الثقافية ومجلة إيلزا للإناث، إضافة إلى كتاباتها في مجلة الريم المغربية والربيع العربي وروز تايم، فضلًا عن مشاركاتها في موقع الكتابة الإبداعية.
أما عن الجوائز والتكريمات، فقد حصلت ناهد على المرتبة الثانية في مسابقة القصة القصيرة لموقع إبداع، والمرتبة الأولى في مسابقة حروف الربيع الموسمية التي نظمها ملتقى رواد الفكر والقلم العربي، وكذلك المركز الأول في مسابقة الارتجال بمبادرة حكايا كتاب، والمركز الثالث في مسابقة أفضل كاتب لعام 2024، فضلًا عن حصولها على لقب فارس الكلمة من مجلة نور.
تستعيد ناهد بداياتها قائلة إن أول من دعمها وأشعل فيها فتيل الحلم كانت والدتها وصديقات الجامعة، مشيرة إلى أنها واجهت انتقادات كثيرة خاصة تلك التي كانت تتجاوز النص لتصل إلى شخص الكاتب نفسه.
وترى ناهد أن الورش والدورات الأدبية ضرورية لصقل الموهبة، موضحة: "من يملك موهبة يجب عليه صقلها مهاريًا، ولا سبيل لذلك إلا من خلال المطالعة والورش التدريبية."
لكنها تؤمن في الوقت ذاته أن الكتابة لا يمكن اكتسابها بالتدريب فقط، قائلة: "الكتابة براكين دفينة تشب نارها في الكاتب بقدر ما مر به من غضاضة في حياته، لذلك لا يمكن اكتسابها لمن لا يملك الموهبة."
وتصف نفسها بأنها قارئة نهمة للروايات وكتب التنمية البشرية، إضافة إلى اهتمامها أحيانًا بكتب علم النفس والفلسفة.
وترى أن الإنسان يمكن أن يمتلك أكثر من موهبة، لكن التميّز الحقيقي لا يتحقق إلا حين يركّز على موهبة واحدة ويغوص في أعماقها.
أما عن طموحاتها، فتقول ناهد إنها تسعى على الصعيد الشخصي إلى إتمام حفظ كتاب الله، وعلى الصعيد الأدبي إلى العمل على مشروع رواية نفسية اجتماعية جديدة، مؤكدة: "أطمح أن أجعل من قلمي سفينتي التي ستبحر بي نحو العالمين بإذن الله."
ووجهت ناهد شكرها العميق لعائلتها، قائلة: "أوجّه خالص شكري وامتناني للداعمين الأوائل لي في هذه المرحلة؛ أختي رحاب، وزوجي العزيز، ولا أنسى صاحبة الفضل الأولى أمي الحبيبة وأبي الحبيب، اللذين كانوا وما زالوا مصدر قوتي وإلهامي، كما أشكر عائلتي المحبة والداعمة."
واختتمت ناهد حديثها برسالة مؤثرة:
"مهما عصفت الحياة بشراع سفنك، لا تيأس، وواصل إبحارك نحو حلمك."
وفي ختام اللقاء، عبّرت ناهد عن تقديرها لمبادرة جريدة غاسق، قائلة إنها تقوم بدور رائد في دعم الأقلام الشابة وتسليط الضوء على المبدعين، معتبرة أن هذه الخطوة تسهم في إبراز المواهب ومنح الكتّاب فرصة للتعبير والظهور في زمن يحتاج إلى مثل هذه المبادرات.
وعن سبب تمسكها بالكتابة، ختمت بقولها المؤثر:
"أكتب كي لا أتعفّن من الضياع بين ركام الحزن والألم، أكتب حتى لا يضيع صوتي ويتبدّد في الفراغ، أكتب حتى أطلق تراكمات الأيام من قلبي إلى الخارج، كما يُخرج الشهيق ثاني أكسيد الكربون... كلما هاجمني الحزن هربت باتجاه الكتابة، فاستطعت أن أعيش بسلام."
بين الألم والأمل، تشق ناهد القدسي طريقها بثقة وثبات، حاملة قنديل الكتابة لتضيء به عتمة العالم، مؤمنة بأن الحروف شفاء وأن الصدق في الكلمة هو ما يمنحها الخلود.

تعليقات
إرسال تعليق