النِفاق الوجه المزيَّفالكاتبة: شروق علاء عوادالمُدقِّقة: نوال نايف الكرديالمصممه:مروة صلاح
النِّفاق.. الوجهُ المزيَّف للحقيقة.
في زمنٍ امتلأ بالأقنعةِ وتلوّنت فيه الوجوهُ، صارَ النِّفاق داءً يتسلّل إلى القلوبِ بصمتٍ، فيُشوّه معاني الصِّدقِ والوفاء.
المنافِق لا يعيشُ بوجهٍ واحد، بل يبدّلُ ملامحَه تبعًا لمصلحته، فيُظهِر الطِّيبةَ ويُخفي الخِداع، ويتحدّثُ بلسانٍ لا يشبه قلبَه.
تلك الازدواجيّةُ المقيتةُ تُدمّرُ نقاءَ العلاقاتِ، وتجعلُ الصِّدقَ عملةً نادرةً في زمن الزّيف.
النِفاق ليس مجرّد كذبٍ عابرٍ، بل هو أسلوبُ حياةٍ قائم على التَّمثيلِ والتلوُّن؛ إذ إنّ المنافِق يُجيد لبسَ الأقنعةِ، ويُتقِنُ كلماتِ المجامَلةِ والتَّوَدُّد الزَّائف؛ حيث يحصلُ على ما يُريد دونَما جهدٍ أو إخلاص.
يَظهر كأنّه المُخلِص الأمين، بينما يُضمِرُ الغدرَ والحسدَ، فيخدعُ من حولَه باسمِ الطِّيبة، ويطعنُهم في غيابِهم باسم المصلحةِ.
وقد حذّر القرآنُ الكريم من هذه الصِّفة الذَّميمة، فقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}، لأنّ النِّفاق يضربُ الإِيمانَ في أعماقِه، ويُحوّلُ الإنسانَ إلى كائنٍ بلا مبدأ ولا ضمير.
وأمَّا عن أثرِ النِّفاق في المجتمع، فهو بالِغ الخطورةِ، إذ يهدمُ الثِّقةَ، ويزرعُ الخوفَ والرِّيبةَ بينَ النَّاس، فلا يطمئنُّ أحدٌ لآخر.
المجتمعُ الذي ينتشرُ النِّفاق فيه يفقدُ توازنه، لأنّ أساسَه -وهو الصِّدق- قد تآكل.
أمّا الإنسانُ الصَّادِقُ، فهو صريحٌ في قوله، نقيٌّ في فعلِه، لا يتجمّلُ بالكذبِ ولا يبيعُ ضميره بثمنٍ زائل بخس.
الصِّدقُ يمنحُ صاحبَه راحةَ البال، بينما يعيشُ المنافِق أسيرَ خوفِه مِنْ اِنكشافِ أمرِه، لا يعرِفُ طمأنينةً ولا سلامًا داخليًّا.
إنّ النِّفاق قناعٌ زائفٌ لا يطولُ عمرُه، وسرعان ما يسقطُ أمامَ نورِ الحقيقةِ.
فليكُنْ صدقُنا هو درعُنا، وصفاؤنا هو لُغتنا مع النَّاس؛ فالحياةُ قصيرةٌ، وأجملُ ما فيها أنْ نعيشَ بوجهٍ واحدٍ وقلبٍ صادقٍ، لأنَّ اللهَ يرى ما نُخفي، ويعلمُ مَنْ نكونُ حقًّا.

تعليقات
إرسال تعليق