هتغير
إسراء الزهدي
أنتِ لازم تتغيري
تلك الجملة التي أسمعها دائمًا مِن مَن حولي يا أسماء، الجميع يخبرني أنني على خطأ وأنني يجب أن أتغير.
لا تُعجبهم طريقة تفكيري، ولا رأيي، ولا ذوقي، ولا حتى أنا، حتى أنا كلي لا أعجبهم.
على الرغم من أنني ناجحة ومتفوقة وملتزمة ولا أُذي أحد، لكنّ هذا لا يعجبهم أيضًا، لا أدري ماذا أفعل لإرضائهم.
أظن أنه حان الوقت لأتغير، لأصبح من ترضيهم، لأصبح شخصًا أخرًا غيري.
_أسماء: لكنَّ ما تفعلينه ليس صحيحًا، من قال: لكِ أنكِ يجب أن ترضيهم، وتغيري ذاتكِ من أجلهم.
من أخبركِ أنهم سيرضون إن فعلتِ ذلك، أو أن ذلك سيكفيهم.
يا آيات، الناس لا يعجبهم شيء وإن فعلتي ما يريدون سيأتون بشيء آخر ليخبروكِ أنه لا يعجبهم أيضًا وأنه يجب عليكِ تغييره وهكذا ستظلين عمركِ بأكمله تحاولين إرضاء من لا يرضون.
_آيات: وماذا أفعل؟
لا أستطيع تحمل كلماتهم القاسية، ولا حتى نظارتهم التي تُشعرني أنني فتاة بلهاء لا فائدة منها، حتى أنني أصبحت ضعيفة وهزيلة، اهتزت ثقتي بذاتي وانطويت عليها، حتى الرجل الذي أحببته أخبرني أيضًا أنني يجب أن أتغير.
_أسماء: حسنًا، تريدين التغير، لا بأس فلنجرب، ما الذي تريدين تغييره؟!
_آيات: أريد أن أغير كل شيء، أولًا: أريد أن أصبح أهدى قليلًا، أخبرتني شهد صديقتي أنني متهورة بعض الشيء وأقوم باتخاذ قرارة سريعة ومتهورة وردود أفعالي أيضًا كذلك، كما أنها أخبرتني أن تقلبات مزاجي تجعل الجميع ينفر مني حتى هي قد ملت وسئمت من ذلك.
_أسماء: قراراتكِ المتسرعة وردود أفعالكِ المتهورة التي أخبرتكِ بها شهد، هي ذاتها التي تصيب دائمًا والتي تنقذنا من كل مأزق.
يجب عليكِ أن تكوني أهدأ وتتوخي الحذر في جميع أفعالك إن كانت تضركِ وتضر من حولكِ، إن كان تسرعكِ هذا يتسبب في أذى لكنكِ على النقيض تنقذين الجميع وتساعدينهم، هذه طبيعتكِ التي تميزكِ والتي لا يجب عليكِ تغييرها أبدًا، كما أنني لا أرى أنكِ متهورة أو متسرعة بل أراكِ فتاة راشدة وحكيمة، وأما عن كلمات شهد تلك فأظن أنها تغار منكِ أو ربما كانت تتحدث عن موقف بعينه ولا تقصد أن تتغيري كلكِ، وحتى وإن قصدت لا يجب عليكِ أن تتغيري من أجل فتاة واحدة أخبرتكِ بذلك، فهي ليست أمكِ أو أختكِ كي تجعلي كلماتها حكرًا عليكِ ويجب تنفيذها.
وقالت: أيضًا أنها سئمت وملت، إن كانت تحبكِ ما كانت لتقول ذلك قط، هي لا تحبكِ، ومن لا يحبكِ سيختلق الكثير من المبررات ليخرج بكِ عيبً ويجعلكِ تكرهين ذاتكِ.
_آيات: ثانيًا: أريد تغيرا مظهري، أخبرني وليد -خطيبي- أنه يخجل من أن يسير بجواري وأنني غير مهندمة، ملابسي فضفاضة بشكل مبالغ فيه، وحتى ملامح وجهي بهتتٌ، هو يريدني فتاة فاتنة الجمال يريد أن يفتخر بي، حتى أن الجميع يخبرني أنني غير مهندمة وأن وجهي شاحب طوال الوقت وأنني...
_أسماء: هل تتذكرين ما أخبرتكِ به اليوم على الهاتف عن سبب زيارتي لكِ اليوم.
_آيات: نعم، أتذكر قولتِ: أنكِ تريدين أن تأتي لتستعيري شيئًا من خزانة ملابسي لتحضري به حفل تخرجكِ.
أسماء: أتتذكرين أيضّا ما قالته أروى ورفيقاتها يوم ميلادكِ عندما خرجنا سويًا.
_آيات: نعم أتذكر قالت: أروى حينها أنها تحسدني على ملابسي تلك، وأنها تتمنى لو أن ترتدي مثلي في يومً من الأيام، وأنها لم ترى أحدًا مهندمًا ومميزًا في هذه الملابس مثلي.
أسماء: نعم، بالضبط لو أن ملابسكِ غير مهندمة عليكِ ولا تميزكِ ما كنت لأستعير منكِ وما كانت أروى لتقول هذا، نحن نحبكِ بصدق لذلك نحن نخبركِ الحقيقة دائمًا.
ملامح وجهكِ مريحة ومميزة وهذا الشحوب الماثل عليه ما هو إلا تأثير المجهود الذي تبذلينه، لا تستهينين بالأمر فأنتِ صباحًا تساعدين والدتكِ في أعمال المنزل وفي منتصف اليوم تذهبين لعملكِ ومساءً تدرسين وتفكرين، من الطبيعي جدًا أن تُرهق ملامحكِ قليلًا لكنّ هذا لا يعنى أنكِ لستِ جميلة أو أن آثار الإرهاق تلك لا تميزكِ.
"ومن يحبك يجب أن يحب ملامحكِ الباهتة أكثر بكثير من ملامحكِ الزاهية هكذا هو الحب".
أنا ووالدكِ، ووالدتكِ، وإخوانكِ نفخر بكِ كثيرًا ونحبك ونراكِ مميزة ورائعة أيضًا نحن وجهتكِ، ومرأتكِ إن رأينا بكِ شيء قبل أن ترمش عينكِ سنخبركِ به، لا لتتغيري بل لتصلحي هذا الشيء وحسب.
وبعيدًا عن كل هذا وليد ليس رجل يؤتمن، ولا يمكنكِ إكمال هذه الخطبة، يجب أن يغار عليكِ، هو من يتوجب عليه أن يخبركِ أن رداءكِ الفضفاض مميز وجميل ويسُر قلبه لأنه يخشى عليكِ من أنظار الرجال بالخارج، هو يريدكِ فاتنة وجميلة!
تضعين مساحيق التجميل وتتزينين أهذا برأيكِ الشخص المناسب الذي تغيرين ذاتكِ من أجله وتريدين أن ترضيه.
وكيف لا يفتخر بكِ هذا مصاب بالعته في عقله، أن تكون أمامه فتاتً مثلكِ ولا يفتخر بها فهو حقًا أبله لا يفهم شيئًا.
انظري لذاتكِ، فتاة ناجحة مثلكِ، تطيع ربها، تضع دينها نصب عينيها وتسير، جميلة وبريئة ومميزة، كل شيء تفعله مميز حتى وإن لم تفعل شيئًا فوجودها وحده مميز كيف برأيكِ لا نفتخر بكِ، ما تتحملينه وحدكِ كافٍِ لنفتخر بكِ، ثقي بذاتك، وثقي أنكِ دون أي مجهود منكِ مميزة ويجب على الجميع تقبل ذلك.
وإن كان هدفكِ من التغير أن ترضيهم فحسب دون اقتناع منكِ بذلك، وأن ترضي غرورهم ونقصهم فأنتِ مخطئة.
نحن نتغير لكن من أجلنا، نتغير للأفضل نفعل ما يرضي الله، نحسن من أنفسنا كي نصبح أفضل بكثير من الحال التي نحن عليها من أجلنا فقط وليس من أجل أحد ولا لإرضاء أحد.
عندما يتخذ المرء منا قراره بالتغيير، لا يتخذه لأن حبيبًا أرد ذلك، ولا لأن عادات وتقاليد فرضت ذلك، ولا لأن المجتمع لا يتقبلنا، ولا لشيء من كل هذا، نحن نأخذ قرارنًا من داخلنا لأننا نريد ذلك ربما يكون سبب قرارنا هذا هو أننا نريد التغير لتخطى مرحلة عصيبة، أو للتقرب لله، أو لخوض تجربة كنا نخشاها، أو لمواجهة أشياء أكبر منا ونحن نحاول الصمود الأسباب كثيرة لكن لم يأت سبب واحد من بينهم يقول أنه يجب أن نتغير من أجل الناس ومن أجل إرضاء أحد لا يستحق، ما كنت لأمنعكِ من قراركِ لو كان أحد يستحق ذلك التغير.
_آيات: لكنهم يستحقون أنا أحبهم وهم يحبونني أيضًا هم يخبرونني ذلك لأنهم يحبونني.
_أسماء: من يحبكِ سيحب كل شيء فيكِ ملامح وجهكِ الزاهية والشاحبة سيحب أيضًا ردود أفعالك المتسرعة وصوتكِ الصاخب عندما تتحمسين لفعل شيء جديد سيحب تقلبات مزاجكِ وطريقتكِ في التعبير عن رأيك سيتقبل كل شيء وسيحبه منكِ لأنه يحبكِ ولأنه منكِ، أنا أحبكِ وأحب كل شيء يخصكِ وأراه مميزًا بكِ كذلك كل من يحبكِ سيتقبلكِ وإن رأى فيكِ شيء يجب تغييره سيقدم لكِ هذا في نصيحة لا تجرحك ولا تقلل منكِ أو من ثقتكِ بذاتك.
كذلك سيحب قربكِ من الله وسيسعى ليقربكِ إليه أكثر لا أن يخبركِ أنه يخجل من السير بجواركِ ولا أنه لا يفتخر بكِ.
للحب معنًا واحد، إن كانت صديقتكِ، أو حبيبكِ، أو أحدًا من عائلتكِ، أو غيرهم، إن كان يحبكِ بصدق سيتقبلكِ في جميع حالتكِ ولن يقول لكِ تغيري سيحب طبيعتكِ وعفويتكِ ومرحكِ وجنونكِ سيحب كل شيء فيكِ وسيراه ميزة سيحب قربكِ من الله سيحب التزامكِ ونجاحكِ وسيفتخر بكِ في كل وقت.
الجميع به عيوب لا أحد يخلى من ذلك، لكن هذا لا يعني أن نتغير؛ لأن ما يميزنا يطغى على عيوبنا، وحتى وإن كان بنا عيبٌ ظاهر يجب تغييره لأن من يحبنا لا يحب أن يرى أحدًا بنا عيبًا، فيجب أن يخبرنا بذاك بحب، وبطريقة لا تجرحنا، ولا تقلل منا، هذا هو الحب يا رفيقتي أن أكون مرأتكِ أخبركِ عندما تخطئين وأساندكِ لتصحيح هذا الخطأ وأن أكون فخورة بكِ، الجميع يخطأ ويتعلم من خطأ ويصححه، لذلك لا يمكنني أن أبغضكِ، وأخجل منكِ ولا أفتخر بكِ لمجرد خطأ صغير، خاصة إن كان هذا الخطأ هو من صنع عقلي أنا وحسب، الذي يحب بصدق يفتخر بمن يحب حتى وإن أخطأ، مدام سيتعلم من ذلك الخطأ ومن يفعل غير ذلك لا يؤتمن على حياتنا.
_آيات: معكِ حق، أنا فقط لا أعلم ماذا أفعل أنا أحب ذاتي وأفتخر بي، لكنّ كلماتهم تهز هذا الأمر بداخلي تزعزع ثقتي بنفسي.
_أسماء: ما يجب عليكِ فعله هو أن تنظري لما يطلبون منكِ تغييره، أهو أمر سيء حقًا ويغضب الله، أم أنه أمر عادي وهم فقط من يخبرونكِ ببشاعته ووجوب تغييره.
هل الجميع يقول ذلك، أم شخص واحدًا أو شخصين فقط؟.
يجب عليكِ تحكيم عقلكِ والوثوق بذاتك والافتخار بها.
كما أن كل من يريد تدمير ثقتكِ بذاتك، وتغييرك للأسوأ، ويقلل منكِ لا يستحق أن يبقى في حياتك، فلتنهي علاقتكِ به أن تكسبي ذاتكِ خيرًا من أن تكسبي أُناسا لا يستحقون.
"أنت مميزٌ لأنك أنت، كن فخورًا بذاتك فهي تستحق".
"من يحبك بصدق سيكون وجهتك، سيرشدك للصواب لتكون أفضل، ولن يطلب منك أن تتغير لترضيه".
"من لا يخشى عليكِ من أنظار الناس لا يؤتمن".
"إن كنت تريد التغير من أجل الله فلا بأس، وإن أردت التغير من أجل ذاتك أيضًا فلا بأس، لكن إن أردت التغير من أجل أحد أو من أجل إرضاء الناس فهذا كل البأس".
#هتغير.
#سلسلة_أنت_تستحق.
#إسراء_الزهدي_جاد.
#روح_الفؤاد.
تعليقات
إرسال تعليق