محطات الروح
الكاتبه|صفاء رزق النباهين
ليست كل رحلة تُقاس بالمسافات المقطوعة أو الأماكن التي نصل إليها، بل بعمق الأثر الذي تتركه فينا، تبدأ الرحلة الحقيقية من الداخل، من تلك النقطة التي يضيق فيها عالمك المألوف، فتشتاق روحك إلى أفقٍ جديد لا تعرفه، هي ليست مجرد انتقال من مكان إلى آخر، بل هي انتقال من حالٍ إلى حال.
كانت رحلتي صامتة، بلا حقائب أو تذاكر، انطلقت من محطة السكون حيث تتكدس الأسئلة وتصدأ الأحلام، كان وقودها الشغف، ووجهتها المجهول في الطريق، مررتُ بسهولٍ من خيبات الأمل، وتسلقّتُ جبالًا من التحديات الشاهقة، وعبرتُ أنهارًا من دموع الفقد والانتصار، كل محطة كانت درسًا، وكل عابر سبيل كان معلمًا ترك بصمته ومضى.
لم أكن أبحث عن أرضٍ جديدة، بل عن نفسٍ جديدة، تعلمتُ أن أثمن ما في الرحلة ليس الوصول، بل الطريق نفسه؛ تلك اللحظات التي تتغير فيها نظرتك للأشياء، وتتسع فيها مداركك، وتتعلم كيف تحزم أمتعة الذكريات لتكمل المسير خفيفًا، ففي نهاية كل درب، نكتشف أننا لم نكن نسافر، بل كنا نعود إلى ذواتنا، إلى ذلك الوطن الساكن في أعماقنا، حيث تنتهي كل الرحلات لتبدأ من جديد.
تعليقات
إرسال تعليق