القائمة الرئيسية

الصفحات

صفاء رزق النباهين

الصحفية|حسناء الورفلي


في زمن الحرب والدمار، تبرز أصوات إبداعية تُثبت أن الفن يمكن أن يكون سلاحًا قويًا في مواجهة المحن. الكاتبة صفاء رزق النباهين، التي استطاعت تحويل الألم إلى فن، تُضيء لنا الطريق بعزيمتها وإبداعها. في هذا اللقاء، لنتعرف على تفاصيل رحلتها الأدبية.


بداية، عرفينا بنفسك، ما هو اسمك؟

اسمي صفاء رزق النباهين.

في أي محافظة تُقيمين حاليًا؟

أُقيم حاليًا في غزة، الأرض التي أنتمي إليها وأستمد منها كل حروفي وقوتي.

ما هو مجال دراستك أو تخصصك الجامعي؟

تخصصي الأكاديمي هو التعليم الأساسي، وتحديداً تربية الطفل. هذا المجال منحني فهماً عميقاً لعوالم الأطفال، وهو ما استثمرته لاحقاً في مبادرتي معهم.

ما هي موهبتك التي تميزك عن غيرك؟

موهبتي هي تحويل الألم إلى فن، وصياغة الحكايات من قلب الواقع القاسي. ما يميزني هو أنني لم أعتمد على أي مؤسسة أو دعم خارجي؛ تطوري كان ذاتيًا بالكامل، نابعًا من قراءاتي، متابعاتي، وبحثي المستمر. موهبتي هي الإصرار على الخلق والإبداع في أقسى الظروف.

كيف كانت بدايتك مع الكتابة؟

البداية كانت بذرة صغيرة زرعتها بنفسي. لم يكن هناك صالون أدبي أو ورش عمل منظمة. كانت البداية مع قلم ودفتر، وشغف جامح بالقراءة والاطلاع، خاصة على الأدب العالمي المترجم. كنت أبحث بنفسي عن المعرفة، وأتابع كل ما يمكن أن يصقل أدواتي عبر الإنترنت، وأبني قدراتي الأدبية بمجهود شخصي بحت.

احكِ لنا عن رحلتك في هذا المجال، وكيف تطورت مع الوقت؟
رحلتي كانت صراعًا فرديًا ضد كل المعوقات. تطورت من خلال الانضباط الذاتي والقراءة النهمة والكتابة اليومية. كل نص كتبته كان خطوة للأمام، وكل كتاب قرأته كان معلمًا جديدًا. النقلة النوعية حدثت عندما نشرت أعمالي الخاصة، وعندما قررت في خضم الحرب أن أحول طاقتي لخدمة الأطفال من خلال مبادرة "قراء صغار". هناك، لم أعد أكتب لنفسي فقط، بل أصبحت أزرع بذور الإبداع في جيل جديد.

ما هو اللون الأدبي أو النوع الكتابي الأقرب إلى قلبك؟
الرواية هي عالمي الأثير. إنها تمنحني المساحة الكافية لغزل عوالم معقدة، وتتبع مصائر الشخصيات التي هي في النهاية انعكاس لأرواحنا وآلامنا وآمالنا. أجد في الرواية القدرة على بناء حياة كاملة من الحبر والورق.

هل لك أعمال منشورة أو نصوص شاركت بها في فعاليات أو منصات؟ وما الذي استطعت تحقيقه منذ بدأت؟

نعم، بفضل الله ومجهودي الشخصي، تمكنت من نشر روايتين: "أساور من قيد" و "لغز الفتاة المنسية". والإنجاز الذي له وقع خاص في قلبي هو مبادرة "قراء صغار" التي أطلقتها خلال الحرب، حيث دربت الأطفال على الكتابة الإبداعية والمسرح والفنون الثقافية، في محاولة لخلق مساحة من الحياة والأمل وسط الدمار.

ما أبرز الشهادات أو الجوائز أو التكريمات التي حصلتِ عليها؟

حصلت على جائزة تكريم في لبنان عن روايتي الأولى "أساور من قيد". للأسف، لم أتمكن من السفر لاستلامها، فقد اندلعت الحرب في وقت موازٍ تمامًا لموعد رحلتي. لكن هذا التكريم، حتى وإن كان غيابيًا، كان بمثابة اعتراف مهم بقيمة ما أكتب.

من كان أول شخص دعمك وشجعك؟ وهل واجهتِ انتقادات سلبية أو محبطة في البداية؟

بكل صراحة، لم يدعمني أحد، كنت وحدي طوال الوقت. بل على العكس، تعرضت للكثير من السخرية والانتقادات في البداية. قيل لي إن هذه الأشياء لا تحقق نجاحًا، وإنني مهما فعلت لن أظهر للنور. لكن هذه الكلمات المحبطة كانت هي الوقود الذي أشعل إصراري. لقد حولت انتقاداتهم إلى بوابة أكملت منها حلمي بطريقة وصفتها بالجنونية.

ما رأيك في الورش والكورسات الخاصة بالكتابة؟ هل تراها ضرورية؟

أراها مفيدة لمن يجدها، لكنها ليست شرطًا للنجاح. تجربتي الشخصية تثبت أن الشغف والبحث الدؤوب والانضباط الذاتي يمكن أن يكونوا أقوى معلم. الأهم هو الإرادة الداخلية للتعلم والتطور.

هل تعتقد أن الموهبة وحدها تكفي، أم أن أي شخص يمكنه أن يكتسب هذه المهارة بالتدريب؟

الموهبة وحدها شرارة، لكنها ستنطفئ إن لم تجد حطبًا من القراءة والممارسة. والتدريب وحده قد يصنع كاتبًا تقنيًا، لكنه لن يخلق كاتبًا بروح. المعادلة تكمن في الإصرار على صقل الموهبة بالمعرفة والممارسة المستمرة.

هل تُحبين قراءة الكتب؟ وإن كنتِ قارئة، ما هي أبرز الكتب التي أثرت فيك؟

القراءة هي الهواء الذي أتنفسه. تأثرت بالأدب العالمي الذي فتح عيني على تجارب إنسانية مختلفة، وبكتب تطوير الذات التي علمتني المثابرة. لكن التأثير الأكبر جاء من قراءة الواقع من حولي، من قصص الناس وصمودهم.

هل ترى أن الشخص ممكن يمتلك أكثر من موهبة، ولا التميز بيكون في حاجة واحدة بس؟

نعم، بالتأكيد. موهبتي في الكتابة لم تكن لتكتمل لولا قدرتي على المبادرة والتعليم في مشروع "قراء صغار". المواهب تكمل بعضها البعض وتصنع منا نسخة فريدة لا تتكرر.

ما هو هدفك وطموحك في الفترة القادمة؟

طموحي هو أن أجد منبرًا أوسع لقصصي وقصص شعبي. أن تُترجم أعمالي وتصل إلى قراء حول العالم ليروا غزة بعيون أبنائها، لا بعيون نشرات الأخبار. أطمح لمواصلة رسالتي في مكان آمن يتيح لي الإبداع دون خوف.

هل في حد حابب توجّه له شكر خاص؟

نعم. أوجه شكري لنفسي، لأنها لم تستسلم. وأوجه شكري لآلام شعبي، لأنها كانت السبب الأقوى لأكتب وأنضج وأرتقي. وشكري الأكبر لشعبي المناضل المكافح، المصر على الحياة رغم انطفائها وتقلباتها. هم الأبطال الحقيقيون لكل حكاياتي.

ما هي النصيحة التي تُريدين توصيلها لأي أحد سيقرأ هذا الحوار؟

لا تستسلم أبدًا. آمن بنفسك ولا تستهن بأي خطوة تخطوها. تعامل مع الانتقادات كوقود إيجابي يدفعك للأمام. النجاح ليس وجهة تصل إليها، بل هو رحلة الاستمرار والمحاولة بحد ذاتها.

هل ممكن تشاركينا بجزء من كتاباتك أو أحد أعمالك المفضلة؟

بالتأكيد. هذا مقطع قصير:
"كانت تعدّ أيام الحصار ليس بالأرقام، بل بعدد الكتب التي أنهتها. كل كتاب هو حياة أخرى تعيشها بعيدًا عن جدران منزلها الأربعة. في الخارج، كان صوت القصف يرسم خطوطًا متعرجة في السماء، وفي الداخل، كانت الكلمات تبني مدنًا كاملة من ورق. تساءلت: أيهما أكثر واقعية؟ مدينة من نار ودمار، أم مدينة من حبر وخيال؟ في غزة، يصعب أحيانًا التمييز بينهما."

وأخيرًا، ما رأيك في جريدة غاسق ومبادرتها لتسليط الضوء على الكُتّاب والمبدعين؟

هي جريدة شجاعة وضرورية، كشمعة تضيء في عتمة طويلة. تسليط الضوء على المبدعين في هذا الوقت هو فعل إيمان بقوة الكلمة والحياة. أشكركم من القلب على هذه المساحة وعلى إصراركم على أن أصواتنا يجب أن تُسمع.

نود أن نشكر الكاتبة المبدعة صفاء رزق النباهين على هذا الحوار العميق والمُلهم. كانت رحلتها الأدبية محفزة، أثبتت أن الإبداع يمكن أن يكون سلاحًا قويًا في مواجهة التحديات. نتمنى لها المزيد من النجاح والتألق في مشوارها الأدبي.

يمكنك متابعة الكتابة من خلال Facebook

الصحفية|حسناء الورفلي|جريدة غاسق

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع