منة الله بدوي
جريدة غاسق
منة الله بدوي | حين تتحول الحروف إلى وطن، وتُصبح الكتابة حياة
في زمن تتداخل فيه الأصوات وتضيع فيه الحكايات، تظهر أقلام قادرة على لمس الروح، ونسج المعنى من الألم.
منة الله بدوي واحدة من هؤلاء الكُتّاب الذين اختاروا أن يكونوا صوتًا لما لا يُقال، ورسالة تمشي على سطور من صدق.
في هذا الحوار، نقترب من عالمها، نعرف بداياتها، ونتأمل كيف يمكن للكلمة أن تصير خلاصًا وأملًا.
عرفينا بنفسك
اسمي منة، فتاة مصرية ترى في الحروف وطنًا بديلًا، وتؤمن بأن الكتابة ليست مجرد موهبة، بل رسالة ومتنفس، وصوت لما لا يُقال.
في أي محافظة تُقيمين حاليًا؟
أُقيم في القاهرة، لكن روحي تتنقّل دائمًا بين عوالم الحكايات، حيث يسكن الصدق وتولد المعاني.
ما هي موهبتك التي تميزك عن غيرك؟
موهبتي هي الكتابة… ذلك الفنّ الذي يجعلني أُخرج من داخلي ما لا يُقال، وأنسج من الألم نصًا، ومن التفاصيل الصغيرة حياة كاملة.
أكتب لأشعر، وأشعر لأكتب.
كيف كانت بدايتك مع الكتابة؟
بدأت في لحظة كان فيها الكلام لا يكفي.
كانت مجرد خواطر صغيرة أكتبها لنفسي، محاولة لفهم ما بداخلي.
ثم اكتشفت أن ما أكتبه يلامس غيري، وأن للكلمة قوة تجعلنا نُشفى دون أن ندري.
كيف تطورتِ مع الوقت؟
رحلتي بدأت بالعفوية، كنت أكتب من القلب دون أن أُدرك قواعد الكتابة أو أسرارها.
مع الوقت، قرأت كثيرًا، وراقبت الأسلوب، وتعلّمت من كل تجربة وكل نقد.
لم يكن الطريق سهلاً، لكنه مليء بالمحاولات اللي خلتني أشوف تطوري بعيني.
وسأظل أؤمن بأن الكاتب الحقيقي لا يتوقف أبدًا عن التعلّم.
ما النوع الأدبي الأقرب لقلبك؟
أحب الأدب الواقعي الذي يمسّ القلب قبل العقل.
أجد نفسي في القضايا الإنسانية، والحكايات التي تُروى بصوت الألم، وفي النصوص التي تحكي عن المهمّشين والمنسيين، عن الحقيقة بكل قسوتها ونعومتها.
هل لك أعمال منشورة أو مشاريع قيد التنفيذ؟
أكتب حاليًا روايتين:
"قضية اغتصاب": عمل درامي واقعي عن قصص فتيات تعرضن للعنف الجنسي، ويسلط الضوء على الصراع النفسي والاجتماعي لهن، وصمت المجتمع تجاه معاناتهن.
"دفاتر لا تخصّك": رواية اجتماعية عن الأمراض النادرة، تغوص في عالم من يعيشون مع ألم لا يُرى، ويواجهونه وحدهم.
ورغم أن الروايات لم تُنشر بعد، إلا أن كل رسالة تأتيني من قارئ تأثر بكلمة كتبتها، أعتبرها علامة إني على الطريق الصح.
هل حصلتِ على جوائز أو تكريمات؟
لم أحصل على جوائز رسمية بعد، لكني حصلت على جائزة من نوع مختلف…
كلمات قراء قالوا فيها:
"كلماتك لمستني من جوّا، وكأنكِ بتكتبي اللي أنا مش قادرة أعبّر عنه."
كلمة زي دي كانت كفيلة تخليني أتمسك بحلمي أكتر.
من أول شخص دعمك؟ وهل واجهتِ انتقادات؟
الدعم الحقيقي جه من ناس قليلة جدًا صدقت فيّ وأنا لسه مش واثقة في نفسي.
وفي نفس الوقت، قابلت انتقادات سلبية حاولت تقلل من قيمة شغلي، لكني قررت أسمع صوت قلمي، مش صوت الإحباط.
هل تؤمنين بأهمية الورش والكورسات؟
أكيد، الورش مش بس مفيدة للتعلّم، لكنها بتكسر عزلة الكاتب.
كل كاتب محتاج يشوف تجارب غيره، ويسمع ملاحظات تعكسله صورته من زوايا تانية.
هل الموهبة وحدها كافية؟
الموهبة بذرة، لكن لو ما تسقيتش بالتدريب، هتذبل.
وفي ناس عندها شغف أكتر من الموهبة، وده بيخليهم يخلقوا طريقهم الخاص.
ما أبرز الكتب التي أثّرت فيكِ؟
القراءة مش مجرد هواية، دي حياة تانية.
من الكتب اللي أثّرت فيّ:
كتب د. إبراهيم الفقي، خاصة "قوة التحكم في الذات" و "الطريق إلى النجاح"
بنات الرياض – رجاء الصانع
القوقعة – مصطفى خليفة
كنت نائبًا للرئيس – محمد حسنين هيكل
وكمان كتب علم النفس والاجتماع اللي بتكشف الواقع بدون تجميل.
هل الإنسان ممكن يمتلك أكثر من موهبة؟
أكيد.
الإنسان مش صندوق مغلق، وممكن يكون جواه أكتر من موهبة، وممكن يستخدمهم سوا ليصنع فرق حقيقي.
ما هو هدفك في الفترة القادمة؟
نفسي أنشر رواياتي، وأوصل من خلالها صوت ناس محدش بيسمعهم.
ونفسي أكمل في مجال علم النفس أو القانون، وأدمجهم مع الكتابة علشان أكون مؤثرة بجد.
هل في حد تحبي توجهي له شكر خاص؟
أولًا الشكر لربنا، على نعمة "الكلمة"، وعلى القوة اللي بيمنحها لي كل مرة أضعف فيها.
وثانيًا، شكر من قلبي لـ منة الله محمد، صديقتي وأختي، اللي كانت النور وقت العتمة، والمراية اللي شفت فيها نفسي حتى وأنا مش شايفاها.
تحبي تقولي إيه لأي حد بيقرأ الحوار ده؟
ما تستهونش بنفسك، ولا بكلمة كتبتها، ولا بفكرة جت في بالك وسكت عنها.
كل خطوة صغيرة بتقربك لحلمك.
والألم اللي بتعيشه النهاردة، ممكن يكون هو اللي هينور طريق حد تاني بكرة.
خليك صادق، مستمر، ومؤمن إنك تستحق توصل.
شاركينا بنص من كتاباتك
ليست مجرد كلماتٍ ينطق بها طفلٌ في السادسة من عمره،
ولا مجرد دموعٍ تنهمر من أمٍّ تجهل كيف تحمي صغيرها...
(النص الكامل منشور أعلاه)
– منة الله بدوي
رأيك في جريدة غاسق ومبادرتها؟
مبادرة غاسق جميلة جدًا ومهمة، لأنها بتدي مساحة للكتّاب يعرضوا تجاربهم، وبتدعم المواهب الجديدة.
خطوة رائعة، ويا رب تستمر وتكبر.
لأن الحكايات تستحق أن تُروى...
منة الله بدوي ليست مجرد كاتبة، بل مرآة تعكس أوجاعًا مسكوتًا عنها، وقلم لا يخشى الطرق على جدران الصمت.
نثق أن صوتها سيصل، وستُروى حكاياتها يومًا في كتبٍ تمسّ القلوب كما مسّت أرواحنا اليوم.
تعليقات
إرسال تعليق