قصة الأم الثانية
الكاتبة: مروة القباني
فكرة : ماريا الحلاق.
الإهداء:
إلى كل فتاة فقدت أمها لتكون الأم الثانية، أنتِ أقوى فتاة قد ألتقي فيها داخل هذه الحياة، أنتِ فتاة المعجزات...
تَغرُسينَ بين ثنايا شعرك زهورًا وياسمينًا دمشقيًا،
أَنسيتِ بأنَّ الوردَ ينبتُ بين أصابع يديكِ،
تُضاهين القمرَ وتزيدينه غيرةً كُلَّما رأى حُسنَكِ ودلالك،
ماريا الفتاة التي تنبتُ فوق الأرض الشامخة،
واثقة الخُطى بملامح البراءة والطفولة،
لا تزيدي من سُرعتك فتسقُطي خُلِقَت أزهارك لتُزيِّن السماء،
تلمعُ عينيكِ شغفًا وقوَّةً، سراجٌ وقنديلٌ ينيرُ دروب مستقبَلِك.
لا تنسي أنَّكِ أميرة الورد والفُـلِّ، لا تُجرِّدي نفسك لتُشبهي بقية الفتيات من حولك.
النَّجوم تلمعُ في السماءِ ببريقها، لكن تذكَّري بأنَّ القمرُ المنيرِ الذي يتوهَّجُ في السَّماءِ واحد.
المقدمة:
كُتِبَ عن الأم لعشرات العقود الكثير من الشُّعراء والمؤلفين، لكن هذه القصة حقيقية ممزوجة بمشاعر صادقة وبريئة لفتاةٍ أهدتها لأُمِّها تُعبِّر بها عن حُبِّها الكبير والصادق.
عن الأيام التي قضتها بعيدًا عنها تنتظر اللقاء من جديد.
- هذا هو اليوم الأخير الذي سأقضيه بعيدًا عنكِ، أُمِّي الغالية وحبيبة قلبي، صديقتي الأغلى وجميع ما أملك، كتبت إليكِ آلاف الرسائل التي كنت أودُّ إرسالها إليك خلال الأيام الكثيرة والتي علمت بها أهمية وجودك داخل حياتي، في عائلتنا الصغيرة والأهم في حياتي كلِّها.
تنهَّدَت ماريا بقليلٍ من الصبر وهي تنظر إلى عقارب السَّاعة التي قاربت الواحدة إلا ربع ظهرًا وهي تستعيد الأيام الماضية داخل رأسها والتي أعادتها إلى اليوم الأول من غياب أُمِّها.
ملامح والدتها وحضنها الدافئ وهي تودعها بكلماتها الرقيقة والحانية وهي تقول لها:
- ماريا حبيبتي، أنتِ الأم الثانية في هذا المنزل، كوني بخير وانتبهِ لنفسك ولأخيك الصغير- كرم- وقومي بالأعمال التي يوكلها إليك والدك، أريدك دومًا كما تفعل أيَّ فتاة ناضجة.
هزَّت ماريا رأسها بإيجاب وعيون دامعة وهي تحتضن والدتها بقوَّة مجيبة لها :
- سأكون عند حسن ظنَّكِ بي يا ماما.
في ذلك اليوم عادت ماريا برفقة شقيقها كرم إلى الشقَّة التي كانت خاوية من ضحكات أخواتها الصغار الشقيَّة، من رائحة الطعام الناضج والسَّاخن، ومن تنبيهات ونصائح والدتها وصوتها.
وفي صباح اليوم التالي استيقظت على صوت المُنبِّه الذي قامت بتشغيله في الأمس، كان منزلًا ساكنًا تتخلَّلهُ أشعة الشمس الدافئة، حتى أنَّها شعرت بأنَّ ما حصل في الأمس مُجرَّد حلم عابر ومضى، داعبت الابتسامة شفتيها لهذه الأمنية قبل أن تستيقظ وتجد نفسها برفقة أبيها وأخيها كرم والحقائب قد اختفت تمامًا، لذلك قررت في هذه اللحظة أن تكون الأمُّ الثانية التي لن تجعل أخيها يشعر بأيِّ حزن أو كدر.
وبدأت بالفعل بتحضير وجبة الإفطار وتنظيف المنزل قدر الإمكان مع وضع العطور التي اعتادت أن تضعها لهم أُمِّها في أرجاء المنزل.
كانت الأيام تمضي بشكلٍ بطيء جدًا حتى شعرت بحجم المسؤوليات التي كانت مُلقاة على كاهل أُمِّها وكم أنَّها تحتاج إلى حنانها وحُبِّها الدافئ.
ترقرقت الدموع داخل عيني ماريا وهي تنهض مُسرعة نحو حديقة المنزل لتقوم بسقاية الورود التي زرعتها في غيابها، في كُلِّ وردة قامت بالاعتناء بها تقوم بالاعتراف بشوقها وحنينها لأُمِّها وشقيقيها الصغار – محمد سعيد ويمان- وعن حاجتها لوجودهم في هذا المنزل ليعود سعيدًا مليئًا بالحياة والبهجة.
وبالرغم من محاولتها لتمضية الوقت بسرعة أكبر من خلال الزيارات العائلية واللقاء بالأصدقاء إلا أنها لم تجد لأيٍّ منها نكهة أو حتى سعادة، فقد كانت تشعر بالنقص في كل شيء تقوم بفعله أو مكان تذهب إليه وكأن جميع الأشياء اتفقت على أن تصبح باهتة في غيابها.
لذلك قررت الكتابة لها وعنها، وشكرها عن جميع الأشياء والمِنَح التي قدمتها لها منذ أن كانت في رُحمِها وحملتها تسعة أشهر وقامت بالسَّهرِ على راحتها إلى هذا اليوم.
كتبت داخل قصتها عن جميع ذكرياتها برفقة أخوتها، والتي جمعتها بعائلتها ووضع أجمل الصور والذكريات.
أعادها للواقع صوت قرع الجرس الذي شعرت معه ومن خلاله بالحبِّ والدفء، والذي حينما قامت بفتحه وجدت أُمَّها تقفُ خلفَهُ تحمل شقيقها الأصغر يمان.
ذرفَت دموعها بحرارة واحتضنتها بشكلٍ مطوَّل وهي تُقبِّلُ يديها ووجنتيها، تحكي لها عن امتنانها وشكرها لله لوجودها في حياتها شمسًا دافئةً ومُعجزة تُعانِقُ حياتها.
قدَّمَت إليها القصة وعبَّرت لها عن شوقها وحُبِّها، حكَتْ لها عن الأيام التي أمضتها في غيابها، وعن الأشياء التي شعرَت ينقصها وبغيابِ نكهة السعادة والبهجة من المنزل في غيابها، وبأنَّها النعمة العظيمة التي أعطاها الله لها.
تعليقات
إرسال تعليق