القائمة الرئيسية

الصفحات

 الوحدة وانعزال النفس

الكاتبه آلاء محمد أبو حليمة.


الإحساس بالوحدة ليس مجرد شعور غير مريح ولكنه قد يتسبب في أمراض خطيرة مثل الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم الخ.

وهي أمر ليس من السهل على أي إنسان تحمله وهي ليست عند الشباب فقط ولكن أكثر عرضة لها هم كبار السن لأسباب عديدة وأيضا تأتي لأشخاص من سن 35عام إلى 44عام، فيمكن أن يشعر الإنسان من جميع الأعمار بالوحدة، ولكن مع تقدم السن يتفاقم الأمر.

وهنا يتضح لدينا انتشار الوحدة بشكل ملحوظ، وبرغم أن الإنسان في تقدم عصري بسبب توافر التكنولوجيا والعالم الرقمي إلا أن الوحدة أصبحت مرضًا شائعًا، وهناك تشخيص صادم يقول بأنها"القاتل رقم واحد في المجتمع العصري". 

ويحذر العلماء منذ 15عام من خطورة الوحدة والعزلة على الحالة الصحية للإنسان، فقد أعد الباحثون منذ ذلك الحين 148دراسة من أنحاء العالم تتعلق بهذا الأمر وجاءت نتائج مرعبة.


•الوحدة


هي حالة سلبية تتميز بشعور العزلة؛ حيث يشعر الإنسان أن هناك شيئًا ما مفقودًا في نفسه وحياته، ومن الممكن أن تشعر بها وأنت مع الناس، وربما يكون هذا أكثر مرارة على الإنسان.

الوحدة شعور شخصي غير مُرحب به؛ حيث تجعل منك إنسانًا هزيلًا بلا أي فائدة.


•الفرق بين "الوحدة" و "العزلة"


وعلى الرغم من أنّ كلا الوحدة والعزلة تعني الابتعاد عن الآخرين ولكن ليسا نفس الشيء.

الوحدة أن تكون مُحاط بالآخرين، وأيضًا داخل نفسك وحيد، وعندما لا يحصل الإنسان على التفاعلات الشخصية التي يحتاجها يشعر بالوحدة، وهذا أمر مؤلمٌ بالنسبة لنا، وفي حين أن العزلة من الممكن أن تكون ممتعة بالنسبة لنا؛ لأننا نقضي بعض الوقت مع أنفسنا، وإذ يفضل بعض الناس العزلة لأنهم مرّو بتجارب غير سارة في الماضي، فينهمكون في العمل أو الهوايات بدلًا من قضاء الوقت مع الآخرين، وتلك هي العزلة وليست الوحدة كالعزلة.


•أسباب "الشعور بالوحدة"


1- الشعور بالوحدة عند التقدم في العمر، إذ يكون المُسن في حالة فراغ يصاحبها شعور بالاكتئاب وإحساسٌ بالوحدة، ومن أسبابها عند المُسن، غياب الأبناء للعمل أو للسفر، وانشغال الناس من حوله، وكلها أمور تزيد من إحساسه بالوحدة.


2- الشعور بالوحدة بسبب السوشيال ميديا، وقد تكون السوشيال سبب رئيسي للوحدة عند مُعظم الشباب في الوقت الحالي، إذ أن كثرة العلاقات الوهمية والمزيفة على السوشيال ميديا؛ بسبب استهلاك الكثير من الوقت في علاقات غير حقيقية مما يُبعدنا عن العلاقات الإنسانية الواقعية، ويبعدنا عن التواصل الاجتماعي وأهميته، ويزيد الشعور بالوحدة.


3- الشعور بالوحدة بسبب صفات وطباع شخصية، وهذا الأمر قد يكون بسبب الخجل وضعف الشخصية وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين مما يسمى social phobia(الرهاب الاجتماعي)، وهذا قد يكون سببًا بينًا للوحدة.


4- التعرض لسوء المعاملة أو التنمر، من الأسباب التي قد تؤدي إلى الوحدة؛ لأن الأمر في غاية الخطورة، والخيانات التي يتعرض لها الشباب بسبب إعاقة أو غيره من الأشكال، التي تؤدي إلى وحدة قاتلة.


5- فقد عزيز مقرب أو صديق، مما قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة نتيجة فقد أشخاص عزيزون علينا، وقد يكون زوج أو زوجة، وفقدان شريك الحياة من أصعب الأمور، فعادة ما يشارك الإنسان الكثير من تفاصيل الحياة مع الطرف الآخر، وعند فقدانه يشعر الشريك الآخر بحالة من الوحدة.


•قد يقول البعض أن للوحدة إيجابيات، ويخلط بين الوحدة والعزلة، ولكن هناك فارق كبير، وقد أوضحت الفرق، ولكن أعتقد أنا والبعض الآخر أن الوحدة سلبيات فقط أما الإيجابيات فهي تكمُن في العزلة، في اعتزال الشخص في غرفته وحده مثلًا، لإنجاز بعض المهام كالمبدعون والعلماء والفنانون، فهؤلاء يحتاجون للانعزال بعض الوقت.


•إيجابيات وسلبيات "العزلة"


_الإيجابيات:-


1- (تعزيز الإبداع)، تتيح العزلة للإنسان وقت للتفكير، وإمعان النظر جيدًا في تلك العملية الإبداعية المرجوا الوصول إليها.


2-(التركيز الداخلي)، فالعزلة مهمة للحصول على الإلهام الداخلي والتنوير، وقد تعمل على تطوير الذات مع توفير وقت للتأمل أكثر ونمو الروحانيات عند الإنسان.


3-الصحة العقلية، كقراءة الكتب، فالعزلة بصحبة كتاب تجعل العقل في راحة إذا ما صاحبه هدوء وسكينة مما يجعل العقل في حالة جيدة.


_سلبياتها:-


من سلبيات العزلة أنها تسبب الوحدة الخطرة بأشكالها إذا تفاقم الأمر ووصل للإدمان، والجلوس لفترات طويلة منعزلًا عن الناس؛ إذ قد يؤدي إلى الوحدة وسلبياتها.



•سلبيات "الوحدة"


1-الاكتئاب:-

حيث يوجد علاقة طويلة المدى بين الوحدة والاكتئاب، فقد تجعل الوحدة منك إنسانًا ينظر إلى العالم بشكل سلبي جدًا؛ مما يُحدث تقلبات في التفكير، ويؤدي إلى اكتئاب حاد، وقد تم إجراء دراسة على المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية؛ فقد وُجدَ أن 66.57%من المرضى يعانون من الوحدة، وأنّ الوحدة مرتبطة بالاكتئاب بنسبة71.84% من المرضى فيهم.


2-مرض ألزهايمر:-

حيث يرتبط الشعور بالوحدة بارتفاع خطر الإصابة بالخرف؛ لأن الوحدة ترتبط بفقدان الإدراك في الشيخوخة، ويشير البعض إلى أنها مرحلة أولية من الخرف.


3-خطر الوحدة على الصحة الجسدية:-

حيث أن الوحدة لا تتسبب في الألم العاطفي فحسب، إلا أنها تسبب ألم جسدي، وأمراض لم نكن نتخيلها وحتى خطر الموت، ومن الأمراض الجسدية الآتي:

_الأمراض الالتهابية مثل مرض السكري.

_اضطرابات المناعة الذاتية مثل التهاب.

_مرض الروماتويدي والذئبة.

_أمراض القلب والأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم.


•إلا أن الوحدة تعد مصدرًا للتوتر الحاد والإجهاد المزمن، وضعف المناعة الخلوية، ويتضح من انخفاض نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية (NK) وزيادة أعداد الأجسام المضادة.

وجد أن الشعور بالوحدة بين البالغين في منتصف العمر مرتبط بزيادة قليلة في أعداد الخلايا القاتلة الطبيعية، وذلك بسبب الإجهاد الحاد المرتبط بالمهام المختلفة لدي الشباب حاليًا.


•ومن السلبيات التي تجعل الشباب يشعرون بالوحدة هو عدم توافر شريك لحياتهم، وقد يكون بسبب عدم توافر الماديات؛ لكثرة مطالب الأهل في هذا الزمان، وعدم وجود الدين الصحيح والمنهاج السليم، كل هذا يسبب الشعور بالوحدة.



•أنواع ''الشعور بالوحدة"


_الوحدة العاطفية:-


هي تلك الوحدة التي تنتابنا حينما لا يصبح لدينا شخص نشاركه عواطفنا كما وضحتُ سابقًا كعدم الزواج عند الشباب، وهي وحدة تختلف عن سائر أنواع الوحدة في كونها تتعلق بالتواصل العميق مع شخص من الأشخاص. بمعنى التواصل المبني على المشاركة، مشاركة التجارب والأشياء والمواقف مع الشريك أو المعارف والأصدقاء، وحينما نفقد هذا التواصل العميق لسبب أو لآخر، نشعر أول ما نشعر بالوحدة لعجزنا عن مشاركة آخرين في نفس المساحة التي كنا نشاركها مع هذا الشخص، أي أننا وحدنا لعجزنا عن المشاركة.


_الوحدة وسط الناس:-


كثيرا ما نشعر بالوحدة على الرغم من وجود أشخاص كُثر حولنا نبادلهم الحب والمشاعر الطيبة. لكن، وعلى عكس الأمر في وحدة الوضع الجديد، فإن هذا النوع من الوحدة ينشأ في لحظة يكون فيها كل ما حولنا مألوفًا، نعرف كل الأشخاص والأماكن، لكننا لا نتمكن من التأقلم مع المحيط الاجتماعي، وهذا ما يجعل الوحدة أكثر مرارة.

•وللوحدة أنواع كثيرة ولكن ذكرتُ أهمها، والآن ننتقل إلى أهم نقطة في المقال.




•علاج "الشعور بالوحدة وانعزال النفس"


1-التقرب إلى الله:-

فلن تفلح الأمة ولن تتقدم وسيظل الشباب والكبار يشعرون بالوحدة؛ بسبب البعد عن الله سبحانه وتعالى وعدم دراسة العقيدة الصحيحة وعدم معرفة الله حق معرفة، بصفات الله وربوبيته وألوهيته، فكيف نكون على قرب من الله وندرس ونجاهد في العلم الشرعي ويكون عندنا خلل في الحياة، إلا بلاءات وتكون اختبارات من الله لنا وتكفير لذنوبنا، فخلاصة هذه النقطة هي أن تعرف كيف تُعامل الله تعالىٰ، فوالله مارأيت شخصًا يشعر بالاكتئاب وهو يقيم الليل ويدرس العلم الشرعي.


2-الشعور بالوحدة لا يعني أنك وحيد:-

فقدانك لأحد أفراد عائلتك أو أصدقائك، أو الالتقاء بصديق قديم واسترجاع ذكريات سيئة يثير لديك مشاعر الوحدة ويجعلك تظن أنك وحيد، لكن كل ما تحتاج لتذكره هو أنه لمجرد أنك تعاني من مشاعر الوحدة، فهذا لا يعني أنك وحدك في هذا العالم وأنك لست مُحاط بأشخاص يحبونك حقًا ويهتمون بك، فلا يفسر شعورك ومخيلاتك أنهم يكرهونك، بل بالعكس تمامًا.


3-لا تُلقي اللوم على نفسك أبدًا:-

ما تحتاج أفهمه هُنا أن لكل منا حياة مختلفة، يشعر بالوحدة بسبب مجموعة متنوعة من الظروف، لهذا لا فائدة من مقارنة نفسك بالآخرين أو إلقاء اللوم على نفسك.


4-تخلص من الاستنكار الذاتي:-

الشعور بالوحدة يجعلك ترى الأشياء من منظور سلبي، فمثلًا إذا لم يرسل صديق لك رسالة نصية، فيمكنك أن تفكر بسهولة أنه يكرهك.

فما تحتاج لمعرفته هو أن مشاعر الوحدة قد تتحول بسهولة إلى سخط تجاه الأصدقاء الجيدين أو حتى أفراد العائلة، لذلك قضاء وقت أكثر مع الأشخاص المقربين والتحدث معهم بصدق ولا تتوانى عن زيارة أقربائك مرة أو مرتين كل شهر، فمشاركتك بأنشطة صحية تذكرك بالأشياء الجيدة المحيطة بك.


5-ادعم واهتم بالآخرين:-

أصبحنا الآن منغمسين في مشاكلنا الخاصة ونتناسىٰ الآخرين ونتجاهلهم من غير قصد، فإذا أظهرت اهتمامك لدى الآخرين واهتممت بمشاكلهم فسترىٰ أن الوحدة شائعة لدى كثير من الأشخاص؛ لذلك إذا تحدثت مع شخص آخر يعاني من الوحدة وتعمقت معه في محادثة مفتوحة سيكون الآمر مفيدًا لكليكما.


6-اجعل توقعاتك واقعية:-

عند مقابلة أشخاص جُدد ووضع توقعات منطقية للتعامل طريقة صحية وفعالة لتجنب الشعور بالخذلان أو الوحدة، فمثلًا يصبح الشخص المُقرب لديك مشغول طوال الوقت في نظرك أنانيًا أو يصبح غير جدير بصداقتك ولتتجنب ذلك، تأكد من أن لا تضع توقعات مبالغًا فيها حيال أي شخص.


7-مارس الرياضة:-

يمكن لممارسة الرياضة أن تُحدث معجزات لصحتك الجسدية والعقلية، تعد الرياضة بمثابة مُحارب قوي للوحدة؛ لأنها تساعد جسمك على إطلاق الأندروفين. وهي مادة كيميائية في الدماغ تجعلك تشعر بالاسترخاء ومفعمًا بالحيوية.


8-لا تخجل من طلب المساعدة:-

لا تخف أو تخجل من طلب المساعدة من أحبائك أو تخجل بأن تخبرهم أنك لا تستطيع التغلب على الوحدة بمفردك، لا تنسى أن الوحدة ليس شعورًا أبديًا وأن لديك القدرة للتغلب عليه بقليل من الصبر وأيضًا بمعرفة الله عزّ وجّل حق معرفة وعباداته حق عبادة.



•يجب عليك أن تعلم أنك لست وحدك من يشعر بالاكتئاب والوحدة، فاعلم أن الجميع في خطر كبير بسبب البُعد عن الطريق الصحيح والمنهاج السليم، فوالله لن نستقيم ولن تستقيم حياتُنا إلا بمعرفتك لربك سبحانه وتعالى، ستظل الأمراض تنتشر والأوبئة والأمراض النفسية نتيجة لعلة القلب وعدم صلابته بالله، فأرجوا أن أكون قد غطيت هذا الموضوع الشائع وأعطيته حقه، إن قصرتُ فسامحوني، جل من لا يسهو!


آلاء محمد أبو حليمة|جاردينيا

تعليقات

3 تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع